فصل: قال الصابوني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الصابوني:

سورة الطلاق مدنية وآياتها اثنا عشر آية.
بين يدي السورة:
* سورة الطلاق مدنية وقد تناولت بعض الأحكام التشريعية المتعلقة بأحوال الزوجين، كبيان أحكام الطلاق وكيفيته، وما يترتب على الطلاق من (العدة، والنفقة، والسكنى، وأجر المرضع) إلى غير ما هنالك من أحكام.
* تناولت السورة الكريمة في البدء أحكام الطلاق (الطلاق السني) و(الطلاق البدعي) فأمرت المؤمنين بسلوك أفضل الطرق، عند تعذر استمرار الحياة الزوجية، ودعت إلى تطليق الزوجة في الوقت المناسب، وعلى الوجه المشروع، وهو أن يطلقها طاهرا من غير جماع، ثم يتركها إلى انقضاء عدتها {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن..} الآيات.
* وفي هذا التوجيه الإلهي دعوة للرجال أن يتمهلوا، ولا يتسرعوا في فصل عرى الزوجية، فإن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، ولولا الضرورات القسرية لما أبيح الطلاق لأنه هدم للأسرة {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} الآيات.
* ودعت السورة إلى إحصاء العدة لضبط انتهائها، لئلا تختلط الأنساب، ولئلا يطول الأمد على المطلقة، فيلحقها الضرر، ودعت إلى الوقوف عند حدود الله، وعدم عصيان أوامره {وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه..} الآيات.
* وتناولت السورة أحكام العدة، فبينت عدة اليائس التي انقطع عنها دم الحيض لكبر أو مرض، وكذلك عدة الصغيرة، وعدة الحامل، فبينته أوضح بيان مع التوجيه والإرشاد {واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن..} الآيات.
* وفي خلال تلك الأحكام التشريعية، تكررت الدعوة إلى (تقوى الله) بالترغيب تارة، وبالترهيب أخرى، لئلا يقع حيف أو ظلم من أحد الزوجين، كما وضحت أحكام السكنى والنفقة {ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا..} الآيات.
* وختمت السورة بالتحذير من تعدي حدود الله، وضربت الأمثلة بالأمم الباغية التي عتت عن أمر الله، وما ذاقت من الوبال والدمار، ثم أشارت إلى قدرة الله في خلق سبع سموات طباق، وخلق الأرضين، وكلها براهين على وحدانية رب العالمين {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا..} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة الطلاق:
مدنية.
وقد ذكر نظيرتها في البصري ونظيرتها في غيره التحريم.
وكلمها مئتان وتسع وأربعون كلمة.
وحروفها ألف وستون حرفا.
وهي إحدى عشرة آية في البصري واثنتا عشرة في عدد الباقين.
اختلافها ثلاث آيات:
{بالله واليوم الآخر} عدها الشامي ولم يعدها الباقون.
{يجعل له مخرجا} عدها المدني الأخير والمكي والكوفي ولم يعدها الباقون.
{يا أولي الألباب} عدها المدني الأول ولم يعدها الباقون.
وفيها مما يشبه الفواصل خمسة مواضع:
{ثلاثة أشهر} {حسابا شديدا} {عذابا شديدا} {من الظلمات إلى النور} {على كل شيء قدير}.

.ورؤوس الآي:

{أمرا}.
1- {مخرجا}.
2- {قدرا}.
3- {يسرا}.
4- {أجرا}.
5- {أخرى}.
6- {يسرا}.
7- {نكرا}.
8- {خسرا}.
9- {ذكرا}.
10- {رزقا}.
11- {علما}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الطلاق:
طلقتم النساء: أي أردتم طلاقهن كما جاء في قوله تعالى: {فإِذا قرأت القرآن فاسْتعِذْ بِالله مِن الشّيْطانِ الرّجِيمِ} أي إذا أردت قراءته، {لعدّتهن}: أي مستقبلين عدتهن بأن تطلقوهن في طهر لا قربان فيه، {وأحصوا العدة}: أي اضبطوها وأكملوها ثلاثة قروء كوامل، وأصل الإحصاء العدّ بالحصى كما كان يستعمل ذلك قديما ثم استعمل في العدّ والضبط، والفاحشة المبينة: هي ارتكاب ما يوجب الحد، أو البذاء على الأحماء أو على الزوج، أو الخروج قبل انقضاء العدة، و{حدود الله}: شرائعه التي أمر بها ونهى عن تركها، {ظلم نفسه}: أي أضرّ بها، والأمر: هو الندم على طلاقها والميل إلى رجعتها.
{فإذا بلغن أجلهن}: أي قاربن انتهاء العدة، {فأمسكوهن}: أي فراجعوهن، {بمعروف}: أي مع حسن عشرة، {أو فارقوهن بمعروف}: أي مع إعطاء الحق واتقاء المضارة: كأن يراجعها ثم يطلقها تطويلا للعدة، {بالغ أمره}: أي منفذ حكمه وقضاءه في خلقه يفعل ما يشاء، {قدرا}: أي تقديرا وتوقيتا.
{من وجدكم}: أي من وسعكم، وقال الفراء: أي على قدر طاقتكم، {ولا تضاروهن}:
أي في النفقة والسكنى، {لتضيقوا عليهن}: أي لتلجئوهن إلى الخروج بشغل المكان أو بإسكان من لا يردن السكنى معه، {ائتمروا}: أي تآمروا وتشاوروا،{ببمعروف}: أي بجميل في الأجر والإرضاع، فلا يكن من الأب مماكسة ولا من الأم معاسرة، {وإن تعاسرتم}: أي ضيق بعضكم على بعض بالمشاقة في الأجر أو يطلب الزيادة، {قدر عليه}: أي ضيق، {آتاه الله}: أي أعطاه، {ما آتاها}: أي إلا بقدر ما أعطاها من الأرزاق قلّ أو جلّ.
{وكأين من قرية}: أي كثير من أهل القرى، {عتت}: أي تجبرت وتكبرت، {نكرا}: أي منكرا عظيما، {وبال أمرها}: أي عاقبة عتوّها، {خسرا}: أي خسارة في الآخرة، {ذكرا}: أي قرآنا، {رسولا}: أي وأرسل رسولا. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة الطلاق:
{يا أيُّها النّبِيُّ إِذا طلّقْتُمُ النِّساء فطلِّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ وأحْصُواْ الْعِدّة واتّقُواْ الله ربّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ ولا يخْرُجْن إِلاّ أن يأْتِين بِفاحِشةٍ مُّبيِّنةٍ وتِلْك حُدُودُ الله ومن يتعدّ حُدُود الله فقدْ ظلم نفْسهُ لا تدْرِى لعلّ الله يُحْدِثُ بعْد ذلِك أمْرا فإِذا بلغْن أجلهُنّ فأمْسِكُوهُنّ بِمعْرُوفٍ أوْ فارِقُوهُنّ بِمعْرُوفٍ وأشْهِدُواْ ذوي عدْلٍ مِّنكُمْ وأقِيمُواْ الشّهادة لله ذلِكُمْ يُوعظُ بِهِ من كان يُؤْمِنُ بِالله والْيوْمِ الآخِرِ ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مخْرجا}
قوله عز وجل: {يا أيُّها النّبِيُّ إِذا طلّقْتُمُ النِّساء فطلِّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ...}.
فينبغى للرجل إذا أراد أن يطلق امرأته للعدة أمهلها حتى تحيض حيضة، ثم يطلقها، فإذا حاضت حيضة بعد الطلاق طلقها أخرى، فإن حاضت بعد التطليقتين طلقها ثالثة، فهذا طلاق العدة، وقد بانت منه، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وطلاق السنة: أن يطلقها طاهرا في غير جماع، ثم يدعها حتى تحيض ثلاث حيضات، فإذا فعل ذلك بانت منه، ولم يحلّ له نكاحها إلا بمهر جديد، ولا رجعة له عليها.
قوله: {وأحْصُواْ الْعِدّة...} الحيض.
وقوله: {لا تُخْرِجُوهُنّ مِن بُيُوتِهِنّ...}.
التى طُلّقن فيها، ولا يخرجن من قِبلِ أنفسِهن {إِلاّ أن يأْتِين بِفاحِشةٍ}، فقال بعضهم: {إلاّ أن يأتين بفاحشةٍ} إلا أن تُحدِث حدّا؛ فتُخْرج ليقام عليها.
وقال بعضهم: {إِلاّ أن يأتين بفاحشة} إِلاّ أن يعصين فيخرُجن، فخروجها فاحشة بينة.
وقوله: {فأمْسِكُوهُنّ...}.
يقول في التطليقة الباقية بمعروف أو سرحوهن بمعروف. قال: والمعروف: الإحسان.
وقوله: {لعلّ الله يُحْدِثُ بعْد ذلِك أمْرا...}.
هذا الرجعة في التطليقتين.
وقوله: {فإِذا بلغْن أجلهُنّ...}.
إذا حاضت حيضة بعد التطليقتين إلى أن تحيض الثالثة، ولا تغتسل، فله رجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة.
{ويرْزُقْهُ مِنْ حيْثُ لا يحْتسِبُ ومن يتوكّلْ على الله فهُو حسْبُهُ إِنّ الله بالِغُ أمْرِهِ قدْ جعل الله لِكُلِّ شيْءٍ قدْرا}. وقوله: {بالِغُ أمْرِهِ...}.
القراء جيمعا على التنوين. ولو قرئت: {بالغ أمرِه} على الإضافة لكان صوابا، ولو قرئ: {بالغٌ أمرُه} بالرفع لجاز.
{واللاّئِي يئِسْن مِن الْمحِيضِ مِن نِّسآئِكُمْ إِنِ ارْتبْتُمْ فعِدّتُهُنّ ثلاثةُ أشْهُرٍ واللاّئِي لمْ يحِضْن وأُوْلاتُ الأحْمالِ أجلُهُنّ أن يضعْن حمْلهُنّ ومن يتّقِ الله يجْعل لّهُ مِنْ أمْرِهِ يُسْرا}.
وقوله: {واللاّئِي يئِسْن مِن الْمحِيضِ مِن نِّسآئِكُمْ إِنِ ارْتبْتُمْ...}.
يقول: إن شككتم فلم تدروا ماعدتها، فذكروا: أن مُعاذ بن جبل سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد عرفنا عدة التي تحيض، فما عدة الكبيرة التي قد يئست؟ فنزل {فعِدّتُهُنّ ثلاثةُ أشْهُرٍ} فقام رجل فقال: يا رسول الله! فما عدة الصغيرة التي لم تحض؟ فقال: واللائى لم يحضن بمنزلة الكبيرة التي قد يئست عدتها: ثلاثة أشهر. فقام آخر فقال: فالحوامل ما عدتهن؟ فنزل: {وأُوْلاتُ الأحْمالِ أجلُهُنّ أن يضعْن حمْلهُنّ...}؛ فإذا وضعت الحامل ذا بطنِها حلّت للأزواج، وإن كان زوجها الميت على السرير لم يدفن.
{أسْكِنُوهُنّ مِنْ حيْثُ سكنتُم مِّن وُجْدِكُمْ ولا تُضآرُّوهُنّ لِتُضيِّقُواْ عليْهِنّ وإِن كُنّ أُوْلاتِ حمْلٍ فأنفِقُواْ عليْهِنّ حتّى يضعْن حمْلهُنّ فإِنْ أرْضعْن لكُمْ فآتُوهُنّ أُجُورهُنّ وأْتمِرُواْ بيْنكُمْ بِمعْرُوفٍ وإِن تعاسرْتُمْ فستُرْضِعُ لهُ أُخْرى}.
وقوله: {مِّن وُجْدِكُمْ...}.
يقول: على قدر ما يجد أحدكم؛ فإن كان موسّعا وسّع عليها فى: المسكن، والنفقة وإن كان مُقْتِرا فعلى قدر ذلك، ثم قال: {وإِن كُنّ أُوْلاتِ حمْلٍ فأنفِقُواْ عليْهِنّ حتّى يضعْن حمْلهُنّ...} ينفق عليها من نصيب ما في بطنها، ثم قال: {فإِنْ أرْضعْن لكُمْ فآتُوهُنّ أُجُورهُنّ} أجر الرضاع.
وقوله: {وأْتمِرُواْ بيْنكُمْ بِمعْرُوفٍ...}.
يقول: لا تضارّ المرأةُ زوجها، ولا يضرّ بها، وقد أجمع القراء على رفع الواو من: {وُجْدكم}، وعلى رفع القاف من {قُدِر} وتخفيفها.
ولو قرءوا: قدِّر كان صوابا. ولو قرءوا مِنْ {وجْدِكم} كان صوابا؛ لأنها لغة لبنى تميم.
{وكأِيِّن مِّن قرْيةٍ عتتْ عنْ أمْرِ ربِّها ورُسُلِهِ فحاسبْناها حِسابا شدِيدا وعذّبْناها عذابا نُّكْرا فذاقتْ وبال أمْرِها وكان عاقِبةُ أمْرِها خُسْرا}
وقوله: {فحاسبْناها حِسابا شدِيدا...}.
في الآخرة، {وعذّبْناها عذابا نُّكْرا...}، في الدنيا، وهو مقدّم ومؤخر، ثم قال: {فذاقتْ وبال أمْرِها} من عذاب الدينا {وكان عاقِبةُ أمْرِها خُسْرا...} النار وعذابها.
{أعدّ الله لهُمْ عذابا شدِيدا فاتّقُواْ الله ياأُوْلِي الألْبابِ الّذِين آمنُواْ قدْ أنزل الله إِليْكُمْ ذِكْرا رّسُولا يتْلُواْ عليْكُمْ آياتِ الله مُبيِّناتٍ لِّيُخْرِج الّذِين آمنُواْ وعمِلُواْ الصّالِحاتِ مِن الظُّلُماتِ إِلى النُّورِ ومن يُؤْمِن بِالله ويعْملْ صالِحا يُدْخِلْهُ جنّاتٍ تجْرِي مِن تحْتِها الأنْهارُ خالِدِين فِيهآ أبدا قدْ أحْسن الله لهُ رِزْقا}
وقوله: {قدْ أنزل الله إِليْكُمْ ذِكْرا...} {رّسُولا...}.
نزلت في الكتاب بنصب الرسول، وهو وجه العربية، ولو كانت رسولٌ بالرفع كان صوابا؛ لأن الذكر رأس آية، والإستئناف بعد الآيات حسن. ومثله قوله: {التائبون} وقبلها: {إِنّ الله اشْترى مِن الْمُؤْمِنِين}، فلما قال: {وذلك هو الفوزُ العظيمُ} استؤنف بالرفع، ومثله: {وتركهُمْ في ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُون صُمٌّ بُكْمٌ}، ومثله: {ذُو الْعرْشِ الْمجِيدُ} ثم قال: {فعّالٌ لِما يُريدُ}، وهو نكرة من صفة معرفة، فاستؤنف بالرفع، لأنه بعد آية.
{الله الّذِي خلق سبْع سماواتٍ ومِن الأرْضِ مِثْلهُنّ يتنزّلُ الأمْرُ بيْنهُنّ لِّتعْلمُواْ أنّ الله على كُلِّ شيْءٍ قدِيرٌ وأنّ الله قدْ أحاط بِكُلِّ شيْءٍ عِلْما}
وقوله: {الله الّذِي خلق سبْع سماواتٍ ومِن الأرْضِ مِثْلهُنّ...}.
خلق سبعا، ولو قرئت: {مثلُهن} إذ لم يظهر الفعل كان صوابا.
تقول في الكلام: رأيت لأخيك إبلا، ولوالدك شاء كثير، إذا لم يظهر الفعل.
قال يعنى الآخِر جاز: الرفع، والنصب إذا كان مع الآخر صفة رافعة فقس عليه إن شاء الله. اهـ.